ماهي السيناريوهات الممكنة للجماعات المحلية في ظل الضبابية السياسية ؟

24-02-2023

في ندوة دراسية بمشاركة خبراء مختصين:

 ماهي السيناريوهات الممكنة للجماعات المحلية في ظل الضبابية السياسية ؟

- إيمانا منها بأهمية المرحلة التي تمر بها تجربة اللامركزية والمجالس البلدية المنتخبة مع اقتراب انقضاء المدة النيابية 2018-2023، نظمت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية اليوم الثلاثاء 21 فيفري 2023 ندوة دراسية تحت عنوان "المجالس البلدية أي مصير؟" بحضور ثلة من الخبراء في الشأن القانوني والمحلي والناطق الرسمي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وخلال الكلمة الافتتاحية أكد السيد عدنان بوعصيدة رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية أنه قبل مدّة قصيرة من انتهاء العهدة النيابية، فان البلديات عموما حققت نجاحات في مختلف الميادين كالبنية التحتية والنظافة والإنارة والخدمات الإدارية. موضحا أنه رغم الظروف الصحيّة والسياسية وارتفاع المطلبية واستعجالها، فإنّه بات واضحا اليوم أنّ خيار "اللامركزية" كان خيارا مدروسا قد يكون في حاجة إلى بعض التعديلات لتصحيحه وتطويره لتحقيق النتائج المرجوة منها.

كما اعتبرت السيدة منية عجال رئيسة بلدية الخليدية وعضوة الهيئة الإدارية بالجامعة أنه رغم التحفظات على مجلة الجماعات المحلية التي تشكو من الكثير من الهينات على المستوى التشريعي فان تجربة اللامركزية حققت عدة نجاحات خاصة من خلال ضمان الديمقراطية التشاركية. مشيرة أن الجامعة قامت سنة 2021 بإنجاز استشارة وطنية لتقييم هذه التجربة والنقائص التي حصلت على مستو تنفيذ العديد من الجوانب الواردة في مجلة الجماعات المحلية بهدف لتجاوز العوائق وتحقيق مجال عمل بلدي يقدم فائدة للمواطن ويفسح المجال للتدبير الحر فعليا.

 الانتخابات البلدية: أي مكتسب في ظل الضبابية؟

خصصت الجلسة الأولى من الندوة للتباحث حول مكسب الانتخابات البلدية في ظل ضبابية المشهد وغياب رؤية واضحة لإجراء الانتخابات ام لا؟ وفي هذا السياق اعتبر عبد الرزاق المختار، أستاذ القانون العام كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة، أن عدم وجود خطاب سياسي معلن وواضح بشأن الانتخابات يجعلنا ندخل ضمن دائرة التخمينات لأن الأصل في إدارة الشأن العام تتطلب الكثير من الوضوح التي تعبّر عن شفافية إدارة هذا الشأن وغير ذلك يخلق مناخا من عدم الثقة بين الفاعلين السياسيين.

قائلا" على ضوء ما يتوفر من معطيات إلى حد الآن هناك عدة سيناريوهات مطروحة في علاقة بالانتخابات البلدية إما بتنظيمها في موعدها أو تأجيلها والعمل بالنيابات الخصوصية موضحا أنه في حالة تنظيم الانتخابات في موعدها هل سيتم استنساخ المشهد البرلماني أي هل أن الأحزاب والحزام السياسي لرئيس الجمهورية يريد هذه الانتخابات أم لا؟ وهل أن الأحزاب المعارضة ستشارك في هذه الانتخابات او ستقاطعها.أما بخصوص التأجيل فأن خيار النيابات الخصوصية هو الأرجح "

وأضاف الأستاذ عبد الرزاق المختار أنه أ بالنسبة للجوانب التقنية في علاقة بالانتخابات البلدية فهناك العديد من الخيارات حسب قوله معتبرا أن خيار الاقتراع على القائمات هو خيار مستبعد وحسب رأيه لن تكون الانتخابات البلدية بنفس العناوين ونفس الفاعلين ونفس الخطاب بل ستكون انتخابات بعيون سلطوية ومنطق فرض سياسة الأمر الواقع.

الناطق الرسمي لهيئة الانتخابات: الهيئة جاهزة لتنظيم الانتخابات في موعدها.

أكد محمد التليلي المنصري الناطق الرسمي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال مداخلته أن الهيئة مستعدة لتنظيم الانتخابات البلدية على كافة المستويات التشريعية واللوجستية والبشرية خاصة وأن الإطار القانوني والقرارات الترتيبية لم تتغير.

مضيفا أن موعد الانتخابات البلدية هو موعد دوري معلوم يرتبط بانتهاء المدة النيابية الأولى للمجالس البلدية (2018/2023) يوم 6 ماي لكن هذا الموعد من الممكن أن يتواصل إلى حدود شهر جويلية إذا تم احتساب المدة النيابية منذ أداء رؤساء البلديات لليمين. معتبرا أن عمل الهيئة تحكمه 3 قوانين محورية تتمثل في الفصل 134 من الدستور الذي يقر أن الهيئة العليا المستقلـّة للانتخابــات تتولى إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامـة المسـار الانتخابيّ ونزاهته وشفافيّته وتصرّح بالنتائج. النص الثاني هو الفصل 117 من القانون الانتخابي، أما النص الثالث فيتمثل في القانون الأساسي المنظم للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

كما أوضح المنصري أن الهيئة تدرك أن هناك صعوبات وعراقيل حصلت في أول تجربة مجالس بلدية منتخبة على إثر انتخابات 2018 وقد رفعت الهيئة جملة هذه التوصيات ضمن تقاريرها ولكن هذا لا ينفي حسب قوله إنه كانت هناك عدة إيجابيات خاصة فيما يتعلق بمشاركة المرأة والشباب وذوي الإعاقة على مستوى الترشحات والنتائج. وأن التجربة في مجملها تعتبر ناجحة وإيجابية.

 

 المجالس البلدية في إطار التصور الجديد للجماعات المحلية

اعتبر الباحث في العلوم القانونية والسياسية مهدي العش أنه لا يوجد مشروع أو مقترح واضح يمكن أن نقيمه أو نتفاعل معه ولكن هذا لا ينفي أن رئيس الجمهورية لديه مشروع في علاقة بالحكم المحلي وهو البناء القاعدي ولكن هل هو مشروع مكتمل وجاهز للتطبيق؟ الأكيد لا ولكن هو المرجع الذي تستوحى منه الخيارات الدستورية والتشريعية والانتخابية حسب قوله.

مضيفا أن مشروع البناء القاعدي يقوم على الانتخابات على الأفراد في دوائر ضيقة تحديدا العمادات يكوّنون المجلس المحلي على مستوى كل معتمدية، ومن هذه المجالس يقع اختيار ممثل بالمجلس الجهوي وممثل في المجلس الوطني للجهات والأقاليم عن طريق القرعة. وهو مشروع يدافع على نظام الاقتراع على الأفراد ووضع برامج تنموية وطنية تنطلق من المحلي.

معتبرا أنه لا يمكن اعتبار اللامركزية هي البناء القاعدي لأن اللامركزية هي تنظيم إداري داخل السلطة التنفيذية وليست نظام حكم. كما أنه حسب دستور 2022 هناك برلمان بغرفتين. أما على المستوى المحلي فهناك عديد التساؤلات التي لازالت غامضة ولكن الأكيد أنها مرتبطة بتصور رئيس الجمهورية للامركزية في حد ذاتها.

فيما أوضح أستاذ القانون العام معز حسيون أن مجلة الجماعات المحلية فقدت السقف الذي بنيت عليه وهو الباب السابع من دستور 2014 وأن الفصل الوحيد في الدستور الحالي الذي يتحدث عن اللامركزية ليست له أي علاقة بالمجلة. موضحا أن تجربة 5 سنوات من اللامركزية خلقت شيئا من التراكم يجعل التراجع عنها ليس بالأمر السهل رغم بعض المؤاخذات عن هذه التجربة. مؤكدا أن اعتماد البناء القاعدي على طريقة اختيار أشخاص عن طريق القرعة خطير لأنه سيمحي نهائيا الحد الأدنى من الرقابة التي يتمتع بها المواطن على المنتخبين. إضافة إلى الضبابية في جوانب مختلفة للبناء القاعدي من ذلك مسالة التقسيم الترابي وتحديد الأقاليم.

من جانبها اعتبرت الناشطة بالمجتمع المدني وخبيرة الحوكمة المحلية شيماء بوهلال أنه لا يمكن فصل البلدية عن باقي مكونات السلطة المحلية ولكن ما حصل من خلال تجربة الخمس سنوات أنه تم وضع البلديات في مواجهة مباشرة مع المواطنين دون توفير الأسس الضرورية لجعل تقييم عملها تقييما موضوعيا.

أما على المستوى السياسي فأوضحت أن البلديات قدمت الفرصة لخلق نخبة سياسية محلية، الدليل على ذلك أن عددا من ممثلي المجلس البلدية تمكنوا من النجاح في الانتخابات التشريعية وتحصلوا على مقاعد في المجلس النيابي بعد انتخابات 17 ديسمبر 2022.

قائلة" أنه اليوم وبعد تجربة تعميم البلديات على كامل التراب الوطني فأنه لا يمكن التراجع عن هذا التعميم. ولكن السؤال المطروح اليوم هل أن تونس ستذهب في خيارات تدعم اجراء الانتخابات البلدية مهما كان شكلها أو انتخابات بلدية بالإعتماد عل مجلة الجماعات المحلية. مؤكدة أن الضمانة الأساسية للبلديات غير الانتخابات هي تواجد المجتمع المدني والمواطنين كشريك للبلديات في إطار الديمقراطية التشاركية التي تعتبر مبدأ دستوريا في كل ما يتعلق بالتنمية".

  • لمن لم يتمكن من متابعة البث المباشر يمكنكم إعادة متابعة الندوة الدراسية عبر الرابط التالي: http://bit.ly/41iXh8O

Site créé et optimisé par Tac-Tic - https://tac-tic.tn